الأربعاء، أغسطس 27، 2014

اللهُ والمكتوبُ ..وأنا..

ربَّما يُرسِلُ اللهُ لى
إمرأة ًجميلةً،
من جيب الغَيب..
ربَّمايبتسمُ القضاءُ والقدر
لأكتشفَ أنَّ عقدَ الدموع
الفوسفوريَّة
يصلُحُ سِلسِلَة ً
تطوِّقُ عُنُقى
كسُبحة ٍمن خمسينَ حبَّة
تُضىءُوتنطفىء
كلمباتِ ليلةِزفاف...
ربّما لاتجدُ الشمعةُ وقتاً للبُكاء فى الظلام.
وهذه فُرصتى الأخيرة
لأحسبَ كم استهلكتُ من الكهرباء
من خلال عدَّادالتاكسى..
إنها حقاً سَلِسَة
دومورييه سوبر كينج
ولهذا أدخِّنُ ذكرياتى
وأشربُ أيَّامَ زمان
المستخلصة
من أعشاب النسيان..
والمُنتَجة خصيصاً
لاستدرار عصير عيونى
حيثُ رائحةُ الشمس
تشُمُّها عيونُ النوافذ
والشبابيك.
كعراوى قمبص ٍ
وجودىِّ النزعة.
إنها حقاً سلسة
تعالَ للنكهة..
واستقبلْ مذاقَ الشِعر
وأشعل ِالنورَ
فى ىتبغ القصيدة..
هىَ مناسَبةٌ سعيدة
أن أبكى
من جروحى التى تنزف
منذُ ثلاثينَ عاماً على الأقلّ.
وأنشِّفُ
دموعَ الطفولة ِاليتيمة.
وأحاولُ أن أكملَ الكعكةَ التى أخذوها منّى منذُ ماتَ أبى وأنا فى العاشرةِ من عمرى
والتى كانوا يرَونها فى يدى
شيئاً عجيباً..
"شوف الوبَر،شوف العُقَدْ....
شوف الشراشيب
سِجّاد وموكيت كاربت سيتى
لمّا تشوفه ..تشيب..”
وحدهم المعُقّدونَ
من اتهمونى
بتُهمةِ الرسول..
فلقد قالوا علينا نحنُ الإثنين
"الرسول وأنا"
(مجنون..)
يللا بينا على باتا
باتا باتا
بااااتا
تركتُ أحذيتى جميعاً
ولاألبسُ إلا كوتشى معيَّنا ً
لأنه يُريحُ قدمى..
التى كانت مشلولةً تماماً
عقبَ انتحار ِيائس
بسبعة ِوثمانينَ قُرصاً عصبيَّاً
أرى أمامى الآن
مركزَ الطبّ النفسىّ
عام 1990
حيثُ حراةُ أغسطس
وحيثُ أنا الذى قصصتُ شريطَ افتتاح مركز الطبّ النفسىّ.
أرى الكرسىَّ المتحرِّك
الذى كانَ أفرادُ الأمن ليلاً
بعد أن ينامَ زملائى القليلينَ ـ وقتهاـ
يدفعونَ الكرسىّ الذى أنا عليه ِبالتناوب
للترويح عنّى وملاعبتى..
(فى قلوبهِم رحمة ليست عند كثيرينَ جداً)
وأرى سلوى الجميلة
زميلةَ المرض النفسىّ
الذى عيّرونا بهِ المتخلّفونَ ذهنياً وإنسانيّاً
تلك الفتاةُ التى كنّا ننتظرُ ليلاً
إلى أن ينامً المرضى جميعاً
وننزل إلى حديقة المركز
ونجلس مع أفراد الأمن ساهرين
فى الهواء الطلق..
كانت تقولُ لى كلاماً حُلواً
وكنتُ أقولُ لها كلاما ًحُلواً
فقال رجلُ الأمن صاحبُ العضلات الفائقة
:”أعزف لكو على كمجة أحسن؟”
...”غنّى ياوحيد
آه والنبى ياوحيد
غنّى لنا حاجه”
ماانحرمش العمر من عطفك عليّا
ياللى حُبّك م السما
أجمل هديّه”
أتذوَّقُ حلاوةَ المولد
التى جاءت لى أمّى بها
فى شكل عُلبتين
أتذكَّر خالى
(رحمهُ اللهُ طبعاً)
والذى قالَ بعدَ انتحارى
هذا لايُصَلَّى عليه...
أتذكَّرُ الممرضات
والتى تقيسُ لى منهنّ الضغط
وذراعى مفرودة
أتحسَّسُ نهدَهاالذى يُريدُ أن يشُقّ الثوبَ
وينطلق.
وهىَ حريصةٌ جداً
على الطناش..
والصهينة..
أشعُرُ بسريان البنج فى عروقى
وذهابى إلى نوم ٍعميق
قبلَ جلسةِالكهرباء..
أشتاقُ لأمى البعيدةِعنّى
وأنا فى هذا المستشفى
غريبٌ
غريبٌ كوردة ٍفى رمال ٍمتحرّكة
دوما ًأشعُرُ بالغُربةِ
والضياع فى غياب أمّى
حتى بعدَ أن سافرتْ إلى الله
مازلتُ أشعُرُ بالضياع
رغم أننى وصلتُ إلى الخمسين أنا
لم أُفطَمْ بعد...
أرى أمامى الدكتورة نهلة
وأسمعُ صوتها العصافيرىَّ السماوى..
وهىَ تقولُ لى :
“خالد قم من على هذا الكُرسىّ
لاأريدُ أن أراكَ عليه بعدَ الآن
أحاول الوقوف
أقعُ بكاملى على الأرض
تنجرحُ ذقتى
وبعد محاولات
وتدريجاً بمرور السنوات
أصبحت قدمى بحمد الله
طيبعيّة
بنسبةِتسعينَ فى المئة
كم عانيتَ ياخالد
ولم يرحَمْكَ أحد
بدءً من شراميط العُمرانيّة
وحتى جاركَ العَرص..
كم صبرتَ ياخالد..
ولقد قالَ ربُّكَ:
وبشِّر الصابرين”
ألاتُبشِّرنى ياربّ؟
ألم يحن الوقتُ بعد؟
ألن يؤذِّن أذانُ صلاة الفرَج..؟
أنتَ تعرفُ أننى أحِبُّك
وأنا أعرفُ أنكَ تُحبُّنى
ولهذا ابتلَيْتَنى...
وهذا يجعلُنى أفرحُ كثيراً
عندما أحزن...
27/8/2014
التاسعة مساء الأربعاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق